محمد امام Admin
عدد المساهمات : 253 تاريخ التسجيل : 06/12/2009 العمر : 34
| موضوع: شباب يحبهم الله الإثنين ديسمبر 07, 2009 8:27 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شباب يحبهم الله
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد
(جلس كريم ـ صاحب العشرين عامًا ـ بين يدي أحد الدعاة بعد استماعة لكلمته المؤثرة عن لذة العبادة في مسجد الحي، وكان هذا ما دار بينهم من حوار): كريم: السلام عليكم، كيف حالك يا شيخ، هل لي أن أتكلم معك قليلًا؟ الداعية: وعليكم السلام ورحمة الله، مرحبًا أخي الحبيب، نعم بكل تأكيد، تفضل. كريم: سمعت كثيرًا من الدعاة يتحدثون عن منزلة محبة الله وأنها بأعلى المنازل. الداعية: نعم والله، وقد صدقوا فيما قالوا، فهي المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون، وإليها شمر السابقون، وهي قوت القلوب. كريم: نعم والله ومن ذاق عرف، غير أني أريد أن أصل إلى أعلى من ذلك، أريد من الله أن يحبني ويغمرني برحمته. الداعية: ما شاء الله والله لقد سررتني أخي الحبيب بهمتك ومحبتك لربك، وتلك المنزلة التي تبحث عنها، تلك التي ذكرها ابن القيم رحمه الله عند قول الله جل في علاه: {يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} "قال: وكون العبد محبوبًا لله أعلى من كونه محبًا لله، فليس الشأن أن تحب الله ولكن الشأن أن يحبك الله" ومتابعة النوافل بعد الفرائض هي طريق من طرق الوصول لهذا الهدف المأمول وتلك الغاية الغالية. بدنٌ وروح... لقد خلق الله تبارك وتعالى الإنسان من بدنٍ وروح، وجعل لكل منهما غذاءه الذي به يصح ويواصل السير، ولما كان مجال الحديث هنا الروح فمن الأهمية بمكان أن نعلم أن الله تبارك وتعالى قد جعل كثيرًا من العبادات مصادر دائمة ومتجددة للزاد الذي تحتاجه النفوس والأرواح لتزكوا به وتسمو عن قيود المعاصي وجواذب الأرض، ولكل عبادة من بين هذا العبادات أثر يختلف عن الأخرى بحيث يكمل بعضها بعضها، وتغطي جميعها حياة الإنسان وخاصة حياتك أنت أيها الشاب المفعمة بالقوة والفتوة والحيوية والنشاط. ومن بين هذه العبادات عبادة جليلة رفيعة حبيبة إلى الرحمن، هي أساس بنيان أهل الإيمان، دائمًا ما نادى بها المصطفى صلى الله عليه وسلم، أرحنا بها يا بلال، إنها الصلاة استرواح وخلوص من مشاغل الحياة، وإن كنا قد تحدثنا من قبل عن حاجة الشباب للعبادة (فالصلاة مصدر متجدد للطاقة الروحية والزاد وقد توزعت أوقاتها على الليل والنهار لمواصلة التزود وتجديد الرصيد من الزاد، ففيها يلقي الإنسان بعناء الحياة ليقف بين يدي الله في خشوع وخضوع، وركوع وسجود، يقرأ ويسمع كلام الله ونسبحه ونعظمه، وندعوه ونستغفره، وكأن الصلاة معراج لأرواحنا تعرج إلى الله بعيدًا عن جواذب الأرض وفتن الحياة) [زاد على الطريق، مصطفى مشهور، (73)]، فأي حاجة للعبادة تلبيها الصلاة؟ تربية الصلاة: وحيث كان فراغ النفوس من أثر الصلاة، يجعلها خاوية يابسة تضل سيرها في هذه الحياة، ويظمئ قلوبًا للشباب متعطشة لعبادة الله جل في علاه؛ فلقد جعل الله تبارك وتعالى المحافظة على الصلاة وعلى مواقيتها من الخطورة والأهمية بمكان لتساهم بشكل كبير وفعال في إرواء عطش الشباب المحتاج إلى العبادة ـ هذا أولًا ـ ثم لتمسح على حياة الشباب بمسحة الجدية والانضباط والمحافظة على الأوقات منادية بذلك آية النساء: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]. وبمثل هذه المحافضة على مواقيت الصلاة؛ يرتسم معلم هام من معالم الجدية في حياة الشباب خاصة أولئك الذين في مرحلة المراهقة. صلاة النوافل: وبعد إتقان الفرائض، التي تعد أساس البنيان ها نحن ننتقل للحديث عن النوافل التي ترتقي بالإنسان في مراتب الكمال، فالشاب الذي يأتي بالفرائض قد سار في طريق الفلاح، غير أن من يأتي بالتطوعات والنوافل أفلح منه في سيره، وأعلى درجة وأكثر قربى، وهنا يرتسم لنا معلم آخر من معالم تربية الصلاة، لكن الحديث هنا عن صلاة النوافل، إذا أنها تربي الإنسان على السعي نحو الكمال، وإتقان العمل وجبره ليخرج على أكمل وجه وبأحسن حال، وآية الإتقان هنا أن الشاب حينما يأتي بالصلاة المفروضة لا يقتصر على ذلك، فهو يعم أن الصلاة لا تخلو من النقائص والقوادح، فيسعى في جبرها وإكمالها بأداء الفرائض، وهكذا ينقش الحرص على صلاة التطوع والنوافل في قلب الشاب وعقله حرصه على الوصول للأعلى، والارتقاء في المراتب. خير دليل: وخير دليل على ما ذكرناه الآن, أن الله تبارك وتعالى أخبر عن ذلك، فبين سبحانه أن مؤدي النوافل إنما يصل لمرتبة أعلى وأسمق من مؤدي الفرائض فحسب، (فمؤدي الفرائض كاملة محب لله ومؤديها وبعدها النوافل محبوب نم الله؛ يدل على ذلك الحديث الذي يرويه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رب العزة سبحانه وتعالى وفيه " ... وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أ حبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه [رواه البخاري]) [الأسباب العشرة الموجبة لمحبة الله، عبد العزيز مصطفى، (38)]. المقصود بالنوافل: والمقصود بالنوافل هنا هي: السنن والمستحبات والتطوعات: ومثال القسم الأول (السنن الرواتب): وهي عشر ركعات في الحضر، ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يحافظ عليها، قال عبد الله بن عمر: (حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات، ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته وركعتين قبل صلاة الصبح) [رواه البخاري ومسلم]. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي أربعًا قبل الظهر، فقد روت عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعًا قبل الظهر. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صلى في يوم وليلة اثنتى عشرة ركعة، بُني له بهن بيت في الجنة) [رواه مسلم]. ومن الصلوات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها صلاة الوتر، فقد كان لا يدعها هي وركعتي الفجر في سفر ولا حضر، وأمر عليه الصلاة والسلام فقال: (اجعلوا آخر صلاتكم وترًا) [رواه البخاري]. أما القسم الثاني: فمثاله صلاة الضحي، التي قد ورد فضلها عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى) [رواه مسلم]. والقسم الثالث (الذي هو التطوعات): أما التطوعات فمنها الركعتان قبل المغرب كما في حديث عبد الله المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلوا قبل صلاة المغرب ـ قال في الثالثة ـ لمن شاء) [رواه البخاري]، كراهية أن يتخذها الناس سنة. فهي انطلق في مدارج السالكين، بأدائك لركعات المحبوبين، مرددًا خلف عبد الله بن المبارك: اغتنم ركعتين زلفى إلى الله إذا كنت فارغًا مستريحًا وإذا هممت بالنطق بالبـا طل فاجعل مكانه تسبيحًا ومن أنواع التطوع التي نستنشق عبيرها في هذه الأيام، صلاة التراويح، في هذا الشهر المبارك، فهي تأتي في شهر الرحمات المفعم بالإيمانيات، مما يجعل المرء مؤهلًا تمامًا للعيش في أجواء تلك الصلاة. وقفة مع قيام الليل: أما عن قيام الليل فهو والله الدقائق الغاليات، حيث تسكب العبرات والدمعات الغاليات، هو صفاء النفوس وطهرها، ومعراجها إلى ربها، يبث في قلبك أيها الشاب السكينة ويضفي على نفسك سحائب الطمئنينة، به تجدد سمت السابقين من الصالحين الذين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]، وتشارك في اللذة الثابتين اليوم من شباب المؤمنين. إن مع ما يعيشه الشباب اليوم من زينة الحياة وبهرجتها من جانب، وما يتحمله البعض منهم من هموم وانشغالات من جانب آخر، ليدفع بهم إلى نبع الصفاء الركين، حيث ينهلون منه ماء عذبًا زلالًا تصفو به نفوسهم وتستريح من خلاله عقولهم بل والله وأبدانهم، إن هذا النبع يا شباب تجدونه في جوف الليل، بين أعماق السكون حيث تعلو أصوات المؤذنين تبعث فيكم وفينا الحنين: يا رجال الليل جدُّوا رب صوت لا يرد ما يقوم الليل إلا من له عزم وجـد أما وإننا في رمضان فالفرصة أما أعينكم يا شباب تتلألأ فاقتنصوها ودربوا أنفسكم على القيام، فأحيوا ليلكم به: يحيون ليلهم بطاعة ربهـم بتلاوة، وتضرع، وسؤالِ وعيونهم تجري بفيض دموعهم مثل انهمال الوابل الهطال في الليل رهبان، وعند جهادهم لعدوهم من أشجع الأبطال بوجوههم أثر السجود لربهم وبها أشعة نوره المتلالي هلموا إلى الفضل: أما عن فضل هذه التطوعات والسنن والمستحبات، فالحديث عنه يطول، غير أني رأيت أن أقطف لكم زهور وثمار يانعة من بستانها المتاع، لتكوِّن عندكم الدافع،وتشحذ الإرادة، وتثير الإيمان: فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) [رواه مسلم]. وعن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا) [متفق عليه]. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشر ركعة، يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة ….) [رواه مسلم]. وأخيرًا... فما زلتم يا شباب تقيمون حياتك في رحاب الله بالمحافظة على الفرائض، ثم تعمرونها بأداء النوافل، حتى تنتقلوا من منزلة المحبة إلى منزلة المحبوبية، فتصبحون (شباب يحبهم الله)، وبالله ما أدراك بشاب تطرق الأرض خطاه وهو في السماء عبد يحبه الله، فيا له من سعادة في الدنيا ويا لها من فرحة في يوم تكثر في الحسرات، ففي الدنيا كن سباقًا واحمل قلبًا سليمًا رقراقًا، فالسبق في الخيرات علامة الموفقين من شباب أمة الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم. واختم معك بوصف حالهم كما نقله لنا الإمام ابن القيم طيب الله ثراه في طريق الهجرتين إذ قال: (والسابق بالخيرات همه في تحصيل الأرباح وشد أحمال التجارات لعلمه بمقدره الربح الحاصل، فيرى خسرانًا أن يدخر شيئًا مما بيده ولا يتَّجر به؛ فيجد ربحه يوم يغتبط التجار بأرباح تجارتهم، فهو كرجل قد علم أن أمامه بلده يكسب الدرهم فيها عشرة إلأى سبعمائة وأكثر، وعنده حاصل وله خبرة بطريق ذلك البلد وخبرة بالتجار، فهو لو أمكنه بيع ثيابه وكل ما يملك، حتى يهيء به تجارة إلى ذلك البلد لفعل، فهكذا حال السابق بالخيرات بإذن ربه، يرى خسرانًا بيِّنًا أن يمر عليه وقت في غير متْجر) [طريق الهجرتين، ابن القيم، ص (201-202)].
| |
|
ميمو المصرى
عدد المساهمات : 51 تاريخ التسجيل : 10/12/2009 العمر : 33
| موضوع: رد: شباب يحبهم الله الجمعة ديسمبر 11, 2009 5:29 am | |
| | |
|